فئران عمياء تتصرف كأنها ترى بفضل أجهزة استشعار جديدة

بتوصيل منبه ميكروي وبوصلة جيومغناطيسية بأدمغة الفئران العمياء، وجد باحثون أن الحيوانات يمكنها أن تتعلم -بشكلٍ تلقائي- استخدام معلوماتٍ جديدةٍ عن موقعها من أجل تخطي متاهةٍ بنفس مهارة الفئران المُبصرة تقريباً. نشر الباحثون هذه النتائج في دورية Current Biology التابعة لـ Cell Press في 2 نيسان/أبريل 2015. يقول الباحثون أن هذه الاكتشافات تشير إلى أن نوعاً كهذا من الإضافات العصبية الصناعية قد يساعد البشر العُمي في المشي بحريةٍ عبر العالم.


وبشكلٍ خاص، فإن الاكتشافات تشير إلى المرونة التي تتمتع بها أدمغة الثدييات.


يقول يوجي إيكيغايا Yuji Ikegaya من جامعة طوكيو the University of Tokyo: ”الهدف الأبرز من هذه التجربة هو إظهار قدرة وإمكانية الدماغ الباطنة، فما فعلناه هو أننا قمنا بتوضيح أن دماغ الكائن الثدييّ مرنٌ بشكلٍ كافٍ -حتى في مرحلة البلوغ- من أجل دمج الوسائل الجديدة غير المجرّبة مسبقاً وغير الفطرية مع مصادر المعلومات الموجودة مسبقاً“.

ويقول: ”بكلماتٍ أخرى، فإن أدمغة الحيوانات التي دُرست كانت مستعدةً وراغبةً لملء تصورهم عن العالم المرسوم بواسطة الحواس الخمس، باستعمال مدخلاتٍ حسّيةٍ جديدة“.


هذا توضيحٌ لفأرٍ يرتدي الجهاز الجيومغناطيسي،  حقوق الصورة: NORIMOTO AND IKEGAYA
هذا توضيحٌ لفأرٍ يرتدي الجهاز الجيومغناطيسي، حقوق الصورة: NORIMOTO AND IKEGAYA
ما ينوي إيكيغايا فعله، هو وزميله هيرواكي نوريموتو Hiroaki Norimoto ليس إعادة حاسة البصر بعينها، وإنما هو إعادة الحاسة غيرية التركيز (Allocentric Sense) للفئران العمياء. تسمح هذه الحاسة للحيوانات والبشر بالتعرف على مواقع أجسامها ضمن البيئية المحيطة بها. تساءل الباحثون عما سيحدث إذا كان بمقدور الحيوانات "رؤية" الإشارة الجيومغناطيسية؟ وهل ستحل هذه الإشارة محل حاسة البصر المفقودة من الحيوانات؟ وهل ستعرف الحيوانات ماذا ستفعل بهذه المعلومات؟


قام جهاز الإحساس الذي أعدّه الباحثون -القابل للارتداء على الرأس- بالسماح لهم بتوصيل بوصلة رقمية، وهي كالتي ستجدها في أي هاتفٍ ذكي، بإلكترودين مجهريين من التنجستن لتنشيط قشرة الدماغ البصرية، سمح الجهاز الخفيف جداً للباحثين بالبدء في تنشيط الدماغ أو تثبيطه، وتضمن هذا الجهاز بطارية قابلة لإعادة الشحن. تعرّف الجهاز تلقائياً وبمجرد توصيله على اتجاه رأس الحيوان، وقام بتوليد نبضات تنشيطٍ كهربائيةٍ تشير إلى الاتجاه المقابل للحيوان، على سبيل المثال، شمالاً أو جنوباً.


دُرِّبت الفئران العمياء بعد ذلك على البحث عن حبوب الطعام في متاهةٍ على شكل الحرف T، أو في متاهاتٍ أكثر تعقيداً. نشر الباحثون في ورقتهم أن الحيوانات وبعد عشرات التجارب، تعلمت استخدام المعلومات الجيومغناطيسية لحل المتاهات، وكانت مستويات أدائها وتقنيات سيرها مشابهةً لتلك الموجودة لدى الفئران المُبصرة طبيعياً، أي أن الفئران العمياء قد استعادت الحاسة غيرية التركيز.


يقول إيكيغايا: ”تفاجأنا بأن الفئران قد استطاعت استيعاب حاسةٍ جديدةٍ لم يسبق تجربتها أو شرحها من قبل، وباستطاعتها تعلم استخدام هذه الحاسة في المهمات السلوكية من يومين إلى ثلاثة أيام“.


تشير هذه الاكتشافات إلى تطبيق بسيط جداً، وهو توصيل الحساسات الجيومغناطيسية بالعصي التي يستخدمها بعض العمي من البشر في السير، ويتوقع الباحثون بناءً على هذه الاكتشافات، أن باستطاعة البشر توسيع حواسهم باستخدام حساساتٍ صناعيةٍ تستطيع قراءة المدخلات الجيومغناطيسية، والإشعاع فوق البنفسجي، والموجات فوق الصوتية، والمزيد من المجالات الأخرى. على ما يبدو أن أدمغتنا قادرةٌ على فعل أكثر مما تسمح لنا حواسنا المحدودة.


يقول إيكيغايا: ”على الأرجح أنك لا تستخدم دماغك بكامله حتى الآن، حيث أن الحدود لا توجد نتيجة قلة مجهودك، لكنها توجد بسبب إحساس أعضاء جسدك الضعيف، العالم الحسّي يجب أن يكون أكثر تلوناً مما تشعر به حالياً“.
 
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات