اكتشاف جديد قد يحسن من عمل المحركات النفاثة

اكتشف باحثون في علم المواد طريقة لتعطيل التوائم النانوية، وهي خطوة من شأنها تطوير خصائص درجات الحرارة العالية للسبائك الفائقة superalloys التي تستخدم في المحركات النفاثة. ومن الممكن أن يسرع هذا التقدم من عملية تطوير المحركات التوربينية القوية والصديقة للبيئة من كافة الأنواع، ومن ضمنها تلك المستخدمة في النقل وتوليد الطاقة.

تعرف التوائم النانوية nano twins بأنها شوائب بلورية بالغة الصغر تنشأ داخل السبائك المعدنية وتضعفها وبالتالي تزيد من قابليتها على التشوه والتآكل تحت عوامل الضغط والحرارة. وقد نشرت صحيفة Nature Communications, engineers في جامعة ولاية أوهايو وصفاً تفصيلياً عن كيفية تصميم بُنية السبيكة ومن ثم تعريضها للحرارة والضغط العاليين، إذ وجد أنه من خلال هذه العملية لا يمكن منع تشكيل التوائم النانوية وحسب بل وكذلك جعل السبيكة أقوى واصلب.

وعند اختبار هذه التقنية التي أُطلق عليها اسم "تعزيز حالة التحول، phase transformation strengthening" تم منع تشكيل التوائم النانوية داخل السبيكة وبالتالي تقليل تشوه وتآكل السبيكة بمقدار النصف. ويوضح المهندس مايكل مايلز Michael Mills أستاذ علوم المعادن ورئيس المشروع في جامعة ولاية أوهايو

أنّ مقاومة السبائك للحرارة العالية تمكن المحركات التوربينية من العمل على نحو نظيف وفعال. وعليه فإن المحرك عندما يعمل عند درجات الحرارة العالية سوف يستهلك كامل وقوده وينتج انبعاثاً أقل. ويضيف المهندس مايكل مايلز: "وجدنا أنّ زيادة تراكيز عناصر معينة في السبائك الفائقة يمنع تشكيل توائم التشوه والتآكل الناتجة عن درجات الحرارة العالية لذا فإننا نرى أهمية تطوير قدرة السبائك على مقاومة درجات الحرارة العالية".
 
لقد أصبحت معظم السبائك المتطورة تصمم اليوم بواسطة الحاسوب ذرة بعد أخرى وعلى هذا الأساس يخطط فريق مايلز لمعالجة ما يسمى بعجز في "الفهم الكمي الشامل" لكيفية تشوه المواد المعدنية الشاذة تحت الضغط العالي.

توصل الباحثون لهذا الاكتشاف عندما كانوا يدرسون عملية تكون التوائم النانوية في اثنين من السبائك التجارية الكبيرة المختلفة، إذ ضغطوا عينات من السبائك تحت آلاف الأرطال وبدرجة حرارة تصل إلى 1400 درجة فهرنهايت أي ما يعادل درجة حرارة المحرك النفاث أثناء العمل، وبعد ذلك فحصوا التركيب البلوري للسبيكة بمجاهر الكترونية ونمذجوا السلوك الكمومي للذرات في جهاز الحاسوب، إنّ الحرارة والضغط سببا تصدعات التوائم النانوية في كلتا السبيكتين لتتطور فيما بعد ضمن بلورات السبيكة الفائقة إضافة إلى حصول تغيير في تركيب المواد داخل وحول التصدعات ولكن بطرق وأشكال مختلفة في كلتا السبيكتين. 

ومن خلال سلسلة من الطفرات في المقياس الذري فإنّ بعض العناصر مثل ذرات النيكل والألمنيوم انتشرت بعيداً عن التصدعات بينما انتشرت باقي العناصر داخل التصدعات، وقد تمكن الباحثون من اكتشاف هذه الحركات الدقيقة باستخدام مجاهر الكترونية متطورة في مركز ولاية أوهايو للتحليل والفحص الميكروسكوبي الالكتروني Ohio State's Center for Electron Microscopy and Analysis CEMAS والذي يقدم واحدا من أكبر الأجهزة الميكروسكوبية التحليلية لتجمعات حزمة الالكترونات والأيونات والتي لا يمكن توفيرها في أي مؤسسة في أمريكا الشمالية.

أما تيموثي سميث Timothy Smith الطالب السابق في جامعة ولاية أوهايو الذي يتولى هذه الدراسة فيفيد قائلاً: "في السبيكة الأولى التي لم تكن قوية كما كانت عند درجة حرارة عالية، كانت ذرات الكوبالت والكروم تملأ التصدع مما أدى إلى إضعاف المنطقة المحيطة به والسماح له بالتضخم ليصبح بعدها توأما نانويا".

أما في السبيكة الثانية التي لم تتشكل بها التوائم النانوية فإنّ عناصر التيتانيوم والتنتاليوم والنيوبيوم تميل للانتشار إلى داخل التصدعات بدلاً من الانتشار إلى خارجها. ونتيجة لذلك تشكلت في التصدعات مرحلة جديدة وثابتة من المواد وكانت هذه المرحلة الجديدة على درجة عالية من الاستقرار والثبات مكنتها من مقاومة تشكيل التوائم النانوية.
 
تعتمد نزعة بعض الذرات المعينة للانتشار داخل تصدعات التوأم النانوي على البنية الإجمالية للسبيكة. يضيف سميث بخصوص هذه النقطة: "توصل الباحثون لاكتشاف يفيد بأنه في الوقت الذي ازدادت فيه كمية عناصر التيتانيوم والتنتاليوم والنيوبيوم قلّت فيه كمية عناصر الكوبالت والكروم، وقد استطعنا فعلا تعزيز المنطقة المحيطة بالتصدعات ومنع التصدع من التوسع إلى توأم نانوي".

وقد صرح ديفيد ماكومب David McComb الباحث المشارك في الدراسة ومدير مركز CEMAS: "إنّ التركيب المتطور لتصوير المستوى الذري والحوسبة المتقدمة ميزة فريدة من نوعها في البحث في مركز CEMAS، إنّ بحثا بهذا المستوى من الدقة يظهر لنا مدى قدرة هذا المركز على تقديم المساعدة في اكتشاف مواد ومعالجات جديدة". ويستمر الفريق بدراسة مرحلة تعزيز التحول لمعرفة ما إذا كان تصميم بُنية السبيكة بطرق مختلفة سيعزز التأثير.

نال سميث شهادة الدكتوراه بإنجازه هذا العمل وحاليا هو مهندس المواد البحثية في مركز أبحاث غلين التابع لوكالة ناسا وقد شارك في هذا البحث كل من روبرت ويليامز Robert Williams مساعد مدير مركز CEMAS وولفغانغ وندل Wolfgang Windl أستاذ الهندسة وعلم المواد والعالم البارز وأستاذ هندسة المواد والعلوم في جامعة أوهايو هامش فريزر Hamish Fraser وطالب الدكتوراه بريان ايسر Bryan Esser ونيكولاس أنتولن Nikolas Antolin إضافة إلى باحثين من جامعة ولاية أوهايو وكان من ضمن المشاركين آنا كارلسون Anna Carlsson من شركة أف إي آي FEI وشركة Thermo Fisher Scientific واندرو ويسمان Andrew Wessman من شركة جنرال إلكتريك.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الالكترون (Electron): جسيم مشحون سلبياً، ويُوجد بشكلٍ عام ضمن الطبقات الخارجية للذرات. تبلغ كتلة الالكترون نسبة تصل إلى حوالي 0.0005 من كتلة البروتون.
  • الأيونات أو الشوارد (Ions): الأيون أو الشاردة هو عبارة عن ذرة تم تجريدها من الكترون أو أكثر، مما يُعطيها شحنة موجبة.وتسمى أيوناً موجباً، وقد تكون ذرة اكتسبت الكتروناً أو أكثر فتصبح ذات شحنة سالبة وتسمى أيوناً سالباً

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات